يقول رحمه الله: "ثم وكل بالعبد ملائكة لحفظ ما يعمله وإحصائه وكتابته"، وهؤلاء هم أعظم من يجب علينا أن نؤمن بهم ونتفكر في أمرنا معهم دائماً، وهم الملائكة الذين يحفظون أعمالنا ويحصونها، وهم الكرام الكاتبون الذين وكلهم الله سبحانه وتعالى بالإنسان، والأدلة عليهم ثابتة من القرآن والسنة، فمن القرآن قوله تعالى: ((
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))[ق:18] قيل: إن (رقيباً وعتيداً) اسمان لملكين، والظاهر أنهما صفة للكتبة، وقال تعالى: ((
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ))[الانفطار:10]* ((
كِرَامًا كَاتِبِينَ))[الانفطار:11]* ((
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ))[الانفطار:12]، وغير ذلك من الأدلة الثابتة في القرآن والسنة.
وقد سئل
شيخ الإسلام رحمه الله كما في
الفتاوى (4/252): "هل الملائكة الموكلون بالعبد هم الموكلون دائماً، أم كل يوم ينزل الله إليه ملكين غير أولئك؟ وهل هو موكل بالعبد ملائكة بالليل وملائكة بالنهار؟
وقوله عز وجل: ((
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ))[الأنعام:61] فما معنى الآية؟
فأجاب: "الحمد لله، الملائكة أصناف؛ منهم من هو موكل بالعبد دائماً، ومنهم ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر؛ فيسألهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون. ومنهم ملائكة فضل عن كتاب الناس يتبعون مجالس الذكر.
وأعمال العباد تجمع جملة وتفصيلاً، فترفع أعمال الليل قبل أعمال النهار، وأعمال النهار قبل أعمال الليل، وتعرض الأعمال على الله في كل يوم إثنين وخميس، فهذا كله مما جاءت به الأحاديث الصحيحة، وأما أنه في كل يوم يتبدل الملكان؛ فهذا لم يبلغنا فيه شيء. والله أعلم" أي: الملكين الموكلين بكتابة كل شيء، لا اللذين يأتيان كل يوم.
إذاً هناك ملائكة موكلة دائمة، وملائكة متعاقبة يعقب بعضها بعضاً.